إشكالات الدّلالة النّسقيّة في ممارسة الغذاميِّ النقدَ الثقافيَّ - قراءةٌ تفكيكيّةٌ في تحريف الاستشهاد وآليّات تطويعه.

الملخص

 يعتمد الدكتور عبدالله الغذّاميّ في نقده الثقافيّ على مجموعة من الأسس النظريّة والمفاهيم الاصطلاحيّة. وربّما يكون مفهوم الدّلالة النّسقيّة أهمَّ هذه المفاهيم؛ فهو الركيزة الرئيسة التي يقيم عليها الغذّاميّ جُلَّ مشروعه الثقافيّ. وقد حاول البحث دراسة تلك الّدلالة النّسقيّة، لتبيينِ بعض الجوانب الإشكاليّة التي تعتريها في تجلّياتها وتطبيقاتها ضمن ممارسة الدكتور الغذّاميّ نقدَه الثقافيَّ.

واهتمّ البحث بثلاثة جوانب إشكاليّة؛ هي: إشكال التّناقض المنطقيّ، وإشكال اللعب المنهجيّ، وإشكال كسر الوحدة العضويّة أو خلخلتها. وتبيّن من دراسة هذه الإشكالات أنّ خطاب الغذّاميّ يعاني العيوب النّسقيّة ذاتها التي عاب عليها الثقافة العربيّة، أي إنّ النقد الثقافيّ مصاب بالعيوب نفسها التي جاء ليكشفَها ويحذّرنا منها.

كما تبيّنَ – أيضاً- أنّ نقد الغذّاميّ يعتمد على الفكرة أساساً يبني عليه نقده وتحليله، والفكرة عنده تُولَّد قبل التّحليل، ولا تكون نتيجةً تاليةً له؛ فهي الغاية وهي الموضوع، وتتمثّل في النّسق المضمر ودلالته النسقيّة، التي يريد صاحب أطروحة النّقد الثّقافيّ أن يؤكّد وجودَها ويثبتَ فاعليّتها، فيبحثَ في النّصوص عن شواهدَ لها؛ وعليه، فهذه العيوب والإشكالات سواء أكانت في خطاب الغذّاميّ أم في الثقافة، هي عيوب عضويّة طبيعيّة نابعة من جنس الكتابة ومن طبيعة تكوينها؛ فلا داعي للخوف منها وتهويل خطرها. فالفكر يفرّق بين الجماليّ الخياليّ، والثقافيّ الواقعيّ، ولا يخلط بينهما كما ذهب إلى ذلك نقدُ الدكتور الغذّاميّ وتوهّم حصوله. وتكمن أهميّة هذا البحث الذي يدخل ضمن إطار نقد النّقد في الكشف عن بعض الجوانب الإشكاليّة التي لم تأخذ حقّها الكافي من البحث والنقد، في مشروعٍ يُعدّ واحداً من أهمّ المشاريع الفكريّة والنقديّة في حاضر الثقافة العربيّة؛ وقد اعتمد البحث على آليّات القراءة التّفكيكيّة، منهجاً نقديّاً يُشرِّح به مادّته المتمثّلة في نتاج الدّكتور عبدالله الغذّاميّ.