ضوابط قياس الراوية على الشهادة والتفريق بينهما.
الملخص
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ، وبعد . فتعنى هذه الورقة البحثية بتوضيح مسألـة حديثية ، لها سعة وافرة في كتب الأصوليين ، وبخاصة في بحث خبر الواحد وما يفيده من العلم الضروري والنظري ، وهي بيان ما يجمع الرواية بالشهادة في معطيات قبولها أو ردها ، وبيان ما لا يمكن فيه حمل الرواية على الشهادة ، وقد جعلت ذلك في نقاط محددة جمعتها من كتب المحدثين والأصوليين في مظانها المتعددة والمتنوعة . وقد كشف البحث عن جملة أمور أشهرها . - تبين من منطوق حدي الرواية والشهادة إضافة العلم إلى كليهما ، مع اختلاف في صورة ذلك ، فالعلم في الرواية يشمل كل معلوم يصح الإخبار عنه وأما في الشهادة : فهو الإخبار بما شوهد على سبيل الخصوص . - وتبين كذلك : أنه يقبل خبر من اجتمع فيه جميع صفات الشاهد في الحقوق من : الإسلام والبلوغ والعقل والضبط والصدق والأمانة والعدالة والتيقظ والذكر . - وأن كلاً من الخبر والشهادة يفيد العلم والعمل معاً ، كخبر الله تعالى وشهادته سبحانه في حق ذاته . - وإفادتها العمل ، لثبوت ذلك من جهة النص ، ولا يوجب العلم ، لأن صدق المخبر فيما رواه أو شهد به مظنون في نفس الأمر ، لا مقطوع به ، لانتفاء العصمة . - ويجوز تعلق الوجوب بأخبار الآحاد والشهادات مع احتمال الصدق والكذب فيهما . - لا تقبل الرواية والشهادة عمن ثبت فسقه أو جنونه ، وممن جهلت عدالته . - يعتمد على الشهادة في أصل التثبت من صدق الرواية ، فتأخذ الشهادة حكم الرواية التي يتقوى بها . وأبرز الصفات التي لا يستوي فيها المحدث والشاهد هي : - الخبر يقع أمراً عاماً لا يختص بمعين ، لارتباطه بالتشريع والتكليف في جميع من يصح خطابهم ، بخلاف الشهادة التي يؤديها العدل عند الحاكم ، فهي إلزام لمعين لا يتعداه إلى غيره . - لا يشترط في الرواية العدد ، بخلاف الشهادات التي أقر التعبد المحض حصول العدد فيها . - لا تشترط في الرواية الذكورية مطلقاً ، بخلاف الشهادة في بعض المواضع . - لا تشترط في الرواية الحرية ، بخلاف الشهادة مطلقاً . - اشتراط التمييز في صحة تحمل الراوي ، والبلوغ في صحة أداء الشهادة ، لأن في الشهادة معنى زائداً على ما في الرواية من حيث أداء المخبر عنه ، ففي الرواية يصح سماع الصغير المميز الذي لم يبلغ ، بشرط أن يعقل ما يسمعه وقت تحمله ، وفي الشهادة يلزم لقبولها شرط البلوغ وقت تحملها وأدائها . - قبول العنعنة في الرواية دون الشهادة مطلقاً . - إحالة معنى الحديث أخفى من إحالة معنى الشهادة من قبل ما يدخل في الحديث من كثرة الإحالة وإزالة بعض ألفاظ المعاني . - قبول شهادة التائب من الكذب دون روايته ، احتياطاً في صيانة الحديث واحترازاً به . - يرد حديث من يثبت كذبه في حديث واحد ، بخلاف من تبين شهادته للزور في مرة ، فإنه لا ينقص ما شهد به قبل ذلك . - لا تقبل شهادة من انتفع بشهادته ، وتقبل ممن روى ذلك . - لا تقبل الشهادة لأصل وفرع رقيق بخلاف الرواية ، كشهادة الولد لأبيه أو الأب لإبنه - للعالم الحكم بعلمه في الجرح والتعديل ، بخلاف الشهادة مطلقاً . - يقبل الجرح من العالم غير مفسر ، ولا يقبل الجرح في الشهادة إلا مفسراً . - الحكم بالشهادة تعديل ، بخلاف عمل العالم وفتياه بموافقة المروي على الأصح .