نقد الرواية التي اعتمدها طه حسين في هجرة صهيب الرومي رضي الله عنه.
الملخص
إنه لمن الإجحاف في حق الحديث والسنة المطهرة باعتماد روايات ضعيفة أو موضوعة ، وعدم التحري عن الصحيح من الروايات . يتأكد لنا من الرواية التي اعتمدها طه حسين في كتابه ( الوعد الحق ) مدى الأثر السيئ عن هجرة صهيب الرومي – رضى الله عنه – الذي تحدثه الأحاديث الضعيفة والمنكرة في تشويه الدين ، وتزييف الحقائق التي جاء بها الرسول الكرم – صلى الله عليه وسلم - . تعد الرواية التي رواها ابن سعد من طريق الواقدي إحدى الروايات التي لفقها محمد بن عمر الواقدي ، وهي من الروايات المنكرة التي وردت عنه . يظـهر لنا من نقد الرواية المنكرة : صحة رأي من قال إن الواقدي ضعيف في الرواية ، وهو متروك الحديث . وهذا لا يتعارض مع اعتماد العلماء على روايات الواقدي في التاريخ ، لما عرف من تسامحهم في ذلك ، وتساهلهم في شروط الرواية في هذا الباب ، اللهم إلا إذا كان حدث التاريخ أو السيرة يرتبط بمسألة عقدية ، أو يشتمل على حكم من أحكام الشريعة . ومن الثابت : أن أبا بكر – رضى الله عنه – لم يكن حاضراً عند قدوم صهيب على النبي – صلى الله عليه وسلم – لأنه تحول عند الوصول إلى قباء ، فنزل على خبيب بن إساف ، أو على خارجة بن زيد . ومن الثابت أيضاً : أن عمر – رضى الله عنه – لم يكن موجوداً لأن عمر تقدمت هجرته على هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – وهجرة صاحبه ، ولم يثبت في كتب السيرة أن عمر – رضى الله عنه – كان في استقـبال النبي – صلى الله عليه وسلم – عند وصوله قباء ، أو أنه نزل معه على كلثوم بن الهدم . لا تعد كتب الأدب العربي وبخاصة الحديثة منها من الكتب التي يعتد بها في رواية الحديث ونقله ، حيث يعتمد الكثير من أصحابها على روايات غير صحيحة ، وكتب واهية ، لا قيمة لها ولا اعتبار ، في ميزان علم الحديث . بل يتأكد لنا ضرورة اعتماد الكتب الأصول في الحديث ، وتلك التي تعد من مظان الأحاديث الصحيحة والحسنة ، والابتعاد عن الكتب التي تعد من مظان الأحاديث الضعيفة . - 2 - ومن الخطورة بمكان الخوض في الأحاديث الشريفة من غير علم بها ، ودون معرفة لقواعدها ، حيث ينبني على ذلك مخاطر عظيمة ، وأضرار جمة ، تعود على الإسلام والمسلمين بالشـر والوبال ، كما يشترط في الذي يتكلم في الأحاديث ومعانيها ، ويتعامل معها ، أن يكون نظيف السريرة ، وله معرفة بقواعد الدين وأصوله العامة ، وذلك من أجل أن يضع الأحاديث في موضعها اللائق بها من جهة الدلالة ومن جهة المعنى . ولكي نأمن العثار ، ونحن ننقل من كتب التراث فيجب مراعاة قواعد التخريج ، ليصار إلى معرفة صحة الروايات قبل اعتمادها ، وبذلك تتم تنقية السنة الشريفة مما علق بها من أحاديث ضعيفة ، أو موضوعة .