سقوط تاء التأنيث في الشعر: قراءة في اتجاهات الفكر اللغوي.
الكلمات المفتاحية:
تاء التأنيث، الفكر اللغوي، السقوط، الشعر، المنادى، المذكر والمؤنثالملخص
هَدَفَتْ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ إِلَى رَصْدِ تِلْكَ الأَلفَاظِ الوَارِدَةِ فِي أَحَدِ أَهَمِّ مَصَادِرِ التَّقْعِيدِ اللُّغَوِيِّ فِي العَرَبِيَّةِ، وَهُوَ الشِّعْرُ، مِمَّا كَانَ فِيهِ تَاءُ التَّأْنِيثِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ التَّاءَ سَقَطَتْ مِنْ هَذِهِ الأَلْفَاظِ، فَاسْتَشْكَلَ النُّحَاةُ، وَأَرْبَابُ اللُّغَةِ ذَلِكَ، فَحَاوَلُوا تَبْرِيرَهُ، وَبَيَانَ أَسْبَابِهِ، وَمُسَوِّغَاتِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ هَذَا السُّقُوطِ، وَتَبْرِيرِهِ، وَتَعْلِيلِهِ قَوْلًا وَاحِدًا، بَلْ كَانَ مُخْتَلِفًا، وَمُتَعَدِّدًا، كَانَ لَا بُدَّ مِنْ جَلَاءِ هَذَا الإِشْكَالِ، وَبَيَانِهِ . وَاعْتَمَدَتِ الدِّرَاسَةُ عَلَى المَنْهَجِ الِاسْتِقْرَائِيِّ، فَاتَّخَذَتْهُ سَبِيلًا إِلَى جَلَاءِ هَذَا الإِشْكَالِ، وَمُلَاحَقَةِ البِنْيَةِ، وَتَائِهَا، فِي النَّصِّ الشِّعْرِيِّ، وَمُلَاحَقَةِ اتِّجَاهَاتِ أَفْكَارِ اللُّغَوِيِّينَ، فِي مَظَانِّهَا، لِتَعْلِيلِ هَذَا السُّقُوطِ، وَحَرَصَتْ عَلَى رَدِّ الِاتِّجَاهَاتِ إِلَى أَصْحَابِهَا فِي مَصَادِرِهِمْ، مَا أَمْكَنَ، ضَامَّةً المُتَشَابِهَ، أَوِ المُخْتَلِفَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. وَقَدْ كَشَفَتِ الدِّرَاسَةُ عَنْ أَنَّ العَرَبَ تُلْحِقُ تَاءُ التَّأْنِيثِ البِنْيَةَ اللُّغَوِيَّةَ، تَبْتَغِي مِنْ هَذَا الإِلْحَاقِ مَعَانِيَ، حَدَّدَهَا النَّحْوِيُّونَ، وَتَحَدَّثُوا عَنْهَا، وَأَظْهَرَتِ الدِّرَاسَةُ عَدَدًا مِنْهَا؛ لِذَا حَرَصَتِ اللُّغَةُ عَلَى الحِفَاظِ عَلَى هَذِهِ التَّاءِ فِي بِنْيَتِهَا؛ لِتَبْقَى هَذِهِ المَعَانِي وَاضِحَةً مُنْكَشِفَةً، وَكَيْ لَا تَخْفَى، لَوْ سَقَطَتْ، فَسُقُوطُهَا يُلْغِي مَقَاصِدَ اللُّغَةِ، وَضَوَابِطَ الفُرُوقِ بَينَ هَذِهِ المَعَانِي. وَلَكِنَّ الحِرْصَ هَذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا مُطْلَقًا، فَهُنَاكَ نُصُوصٌ شِعْرِيَّةٌ، جَاءَتْ عَنِ العَرَبِ، وَفِيهَا أَلْفَاظٌ، قَدَّرَ اللُّغَوِيُّونَ، وَالنُّحَاةُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الأَصْلِ بِالتَّاءِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ التَّاءَ قَدْ سَقَطَتْ مِنْهَا، فَرَصَدَتِ الدِّرَاسَةُ ظَوَاهِرَ هَذَا السُّقُوطِ فِي المُنَادَى المُرَخَّمِ وَالمُضَافِ إِلَيْهِ، وَفِي غَيْرِ المُنَادَى. وَلَمْ تَكْتَفِ الدِّرَاسَةُ بِهَذَا الرَّصْدِ، بَلْ بَيَّنَتِ اتجَاهَاتِ الفِكْرِ اللُّغَوِيِّ لَدَى عُلَمَاءِ العَرَبِيّةِ، فِي هَذَا السُّقُوطِ، فَتَحَدَّثَتْ عَنْ أَسْبَابِهِ، وَعِلَلِهِ، وَمُسَوِّغَاتِهِ، وَبَيَّنَتْ إِنْ كَانَ السُّقُوطُ هَذَا مَقْبُولًا لَدَيْهِمْ، أَوْ مَرْفُوضًا، أَوْ ضَرُورَةً شِعْرِيَّةً، أَوْ شَاذًّا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَنَتَجَ عَنْ ذَلِكَ قِرَاءَةٌ، كَشَفَتْ عَنْ أَنَّ هَذَا السُّقُوطَ وَقَعَ تَخْفِيفًا، لِعِلَلٍ وَأَسْبَابٍ، وَأَنَّهُ وَفَرَ فِي أَشْعَارِ العَرَبِ وُفُورًا، يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ العَرَبِيَّةَ تَتَوَسَّعُ فِي بِنَى صِيَغِهَا، وَأَلْفَاظِهَا، وَعَنْ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُون مِنْ إِسْقَاطِ تَاءِ التَّأْنِيثِ مِنْ بِنْيَةٍ، كَانُوا قَدْ أَدْخَلُوهَا فِيهَا لِمَعْنًى.