الرواية والتاريخ وإشكالية التداخل.
الكلمات المفتاحية:
الرواية، التاريخ، التخيل، العلاقة، السرد، المساءلة، الأدبالملخص
تسعى هذهِ الدراسةُ إلى تسليطِ بعض الضوءِ على اشتغالِ الروايةِ على مادةِ التَّاريخِ، الَّذِي يفتحُ بابَ التَّساؤلاتِ حولَ علاقةِ الرِّوايةِ بالتَّاريخِ، الَّتِي كانتْ موضعَ خلافٍ بَيْنَ الرّوائيينَ والنُّقَّادِ. ومنهُ تأتِي إشكاليةُ هذه الدراسة لِلْحَفْرِ فِي جِينْيَالُوجيَا طبيعةِ العلاقةِ بَيْنَ الرِّوايةِ والتَّاريخِ، وهلْ ثَمَّةَ فروقٌ بَيْنَ الرِّوَايَةِ التَّاريخيَّةِ والرِّوايةِ الَّتِي تَسْتَغِلُّ التَّاريخَ لتمريرِ رؤىً وأفكار معيّنة؟ ثم إعادة كتابة التَّارِيخِ أدبيّاً تُساهمُ في توجيهِ الرَّأي العام؟ أمْ أنَّ العَلاقةَ بَيْنَ الرِّوايةِ والتَّاريخِ علاقةُ أمومةٍ ورضاعةٍ تبادليةٍ؟ أمْ عَلاَقَةُ تَزاوجٍ وقِرانٍ بَيْنَهُمَا لتثمرَ كائناً ورقياً مركباً يحملُ ملامحَ الأبوينِ معاً؟ وهلْ يمكنُ اعتبار الرِّوَاَية مصدراً موثوقاً به للمعلومةِ التَّاريخيةِ؟ ومِنْ هُنَا كانت هذه الدراسة تهدف إلى الكشفِ عَنِ الْعَلاقةِ المتجذرةِ بَيْنَ الرِّوايةِ والتَّاريخِ وتِبْيَانِ المَدَى الذي يمكنُ للروايةِ أَنْ تَسْتَلْهِمَ التَّارِيخَ لِتُسْهِمَ فيَ صَوْغِ الْهُوِّيَاتِ الثَّقَاِفِيَّةَ لِلْأمَمِ. وَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمَادَّةِ الْحِكَائِيَّةِ أَنْ تَتَّكِئَ عَلَى حَقَائِق التَّارِيخِ الَّتيِ تُكْسِبُ السَّرْدَ الروائيَّ خُصُوبَتَهُ. وَبِمَعْنَى آخَرَ: الرِّوَايَةُ أهي مَصْدَرٌ مِنْ مَصَادِر التَّارِيخِ أَمْ أَنَّ التَّارِيخَ مَرْجِعٌ مِنْ مَرَاجِع الرِّوَايَةِ؟ وَمَا حَقِيقَةُ مُصْطَلَحِ الرِّوَايَةِ التَّاريخيَّةِ ؟ لِذَا سَنُحَاوِلُ مِنْ خِلاَلِ هَذِهِ الدراسة تَوْضِيحَ بَعْض الْمُصْطَلَحَاتِ اللَّصِيقَة بِالْمَوْضُوعِ، مِنْهَا - على وجه الخصوص - الرِّوايةُ والتَّاريخُ والتَّخْييلُ الروائيُّ والتَّخَيلُ التاريخيُّ والرِّوَايَةُ التَّاريخيَّةُ وغَيْرُهَا مِنَ الْمُصْطَلَحَاتِ. وَقَدِ اِتَّبَعْنَا فيِ سَبِيلِ تَوْضِيحِ هَذِهِ الْقَضَايَا الْمَنْهَجَ الْوَصْفِيَّ التَّحْلِيلِيَّ الَّذِي نَرَاهُ مُتَسَاِوقاً وَهَذه الدراسةِ. وَقَدْ تَوَصَّلت الدراسةُ إِلَى بَعْضِ النَّتَائِجِ، نَذْكُرُ مِنْهَا: ــ تَحْمِلُ الرِّوَايَةُ عِدَّةَ مَعَانٍ؛ وهو ما جَعَلَ مِنَ الصَّعْبِ تَعْرِيفُهَا تَعْرِيفاً دَقِيقاً بِسَبَبِ حَدَاثَةِ نَشْأَتِها وَتَطَوُّرِهَا الْمُسْتَمِرِّ. ــ اِخْتَلَفَتِ التَّعْرِيفَاتُ وَتَعَدَّدَتْ فيِ تَحْدِيدِ مُصْطَلَح التَّارِيخِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَالْفَلاَسِفَةِ الْغَرْبِيِينَ، وَالْعَرَبِ المُسْلِمِينَ، عَلَى حَدّ سَوَاءٍ. ـــ أَمَّا الْعَلاَقَةُ الَّتِي تُقِيمُهَا الرِّوَايَةُ مَعَ التَّارِيخِ، فَهِيَ عَلاَقَةٌ جَدِيدَةٌ تَعْتَمِدُ بِالْأَسَاسِ عَلى الْمُسَاءَلَةِ الْفَنِّيَّةِ للِتَّارِيخِ.