وباء عام 1867 ببلاد المغرب من خلال مخطوط المشرفي.

الملخص

يتناول الباحث في هذه الورقة البحثية إشكالية الوباء الكبير الذي حدث ببلاد المغرب العربي بأقطاره الثلاثة: تونس، الجزائر والمغرب سنة 1867 من خلال مخطوط المشرفي. وقد توصل الباحث من خلال هذه الدراسة إلى أن وباء عام 1867 يعتبر من أكبر الكوارث التي حلت ببلاد المغرب في تاريخها المعاصر، ومخطوط أبي محمد العربي المشرفي الغريسي الجزائري من المصادر المحلية النادرة التي تصف هذا الوباء. وكان المشرفي من العلماء الجزائريين الذين هاجروا نحو المغرب الأقصى بعد استيلاء الفرنسيين على الغرب الجزائري والقضاء على مقاومة الأمير عبد القادر. ولما حل الوباء كان مستقراً بفاس، فوصف وصفاً دقيقاً تطور هذا الوباء منذ سنة 1850 حين بدأ غلاء الأسعار ثم تبعه الجراد سنة 1866 الذي اجتاح مناطق كبيرة من المغرب الأقصى من مكناس حتى فاس ووجدة، وأكل الأخضر واليابس وكان سببا في المسغبة العظيمة أو المجاعة، ليحل بعدها الوباء الكبير سنة 1867. وقد وثّق المشرفي في هذا المخطوط مشاهداته لما حل بفاس من المآسي بسبب هذا الوباء الذي أتى على عدد كبير من ساكنتها ولم يسلم منه حتى الأغنياء والأعيان. وان كان المشرفي قد وصف بداية هذا الوباء إلا أنه لم يذكر نهايته؛ لأنه انتهى من كتابة رسالته يوم 30 جوان 1868 كما هو مدون في نهاية المخطوط. كما أن المشرفي ذكر أن هذا الوباء كان عاماً في تونس والجزائر وأن أحوالهما كانت أسوء من فاس، وحسب الأخبار التي كانت ترده فقد هلك بسبب هذا الوباء نصف سكان الجزائر والنصف الآخر بدأ فيه الوباء.