شعرية انزياح التركيب الشرطي في ديوان ذي الرمة.

الملخص

يهدف البحثُ رصْد ظاهرة شعريَّة تركيبيّة حضرتْ شاخصةً في ديوان الشّاعر الأمويِّ ذي الرُّمَّة. وتَتمثَّلُ في اتّكالِ ذي الرُّمَّة على التَّركيب الشّرطيّ في تشكيلِ تراكيبهِ الشّعريّة؛ فقارئُ أشعارِهِ لا يتكبَّدُ كبيرَ عناءٍ في مُلاحظةِ أسلوبِ الشَّرط وتوقّعه. وتأسست الدِّراسة على الأنماطِ الشّرطيّة المنزاحةِ من غير إغفالٍ للنَّمط الشّرطيّ الذي أتى على أصلِ التّرتيبِ المعياريّ، وعن هذه الهيمنة الأسلوبيّة انبثقت بعض الأسئلةِ حولَ الأسلوبِ الشّرطيّ ذاته، وسبب إتيانه بكثرة، على أنَّ سؤالَ الدِّراسة الأهمّ يدورُ حولَ الانزياح الشّرطيّ، وما استطاع الشَّاعر تحقيقه من جماليّة، وفضاءاتٍ دلاليّة عن طريق توظيفه تقنيةً أسلوبيّة. وقد أفضى الحضور المبالغ فيه للبنية الشّرطيّة في مدوّنة ذي الرُّمَّة إلى التخفيف من وهج التوقّع، أو المفاجأة عند المتلقِّي، الذي وقع في الرّتابة والملل؛ فالظاهرة الأسلوبيّة إذا بالغ الشَّاعر في إتيانها فإنها قد تتحوّل إلى قيمةٍ أسلوبيَّةٍ تضعف من التَّركيب الذي تضمّنها، ولا سيّما في غياب ما يدعّم الأسلوب السّائد ويعززّه، ويقوّي من حضوره مثل الصُّورة الشّعريّة والاختيارات اللفظيّة. اعتور بعض نماذج الانزياح الكليّ الضعفُ وخفوتُ شعريَّتها. وقد ظهر هذا الضَّعف جليّاً حين أجرينا موازنة بين النَّماذج المنزاحة، والتي جاءت على الأصل ضمن الغرض الشّعريّ الواحد مثل المدح، فانمازت النّماذج التي سارت على أصل التَّركيب الشّرطيّ، أو التي تأسّست على الصُّورة الشّعريّة. لوحظ في بعض النّماذج الشّعريّة أن الشَّاعر وجّه عنايته لجملة فعل جواب الشَّرط المنزاحة؛ كونها تحمل بؤرة الدّلالة المدحيّة مثلاً. في حين أنّ جملة جواب الشَّرط بدت ضعيفة التَّركيب وباهتة الدّلالة، وكان للغرض الشّعريّ دور بارز في شعريَّة انزياحات الشَّاعر؛ فهو قد أبدع في النَّماذج التي تحضر فيها ميّ التي ارتبط بها الشَّاعر، وكشفت الدِّراسة أن الشَّاعر أجاد وأبدع في استثمار الانزياح الشّرطيّ الجزئيّ، أو ما سمّيناه الاعتراضيّ؛ إذ أتاح له تجزئة عناصر الجملة الشّعريّة، وتحفيز المتلقِّي على ملاحقة الحمولات الدّلاليّة؛ ما عزّز من شعريَّة النّماذج المحلّلة.