من أجل تعايش سعيد: مسكويه وتعقلية العيش المشترك.

الملخص

يدافع الكاتب في هذا البحث على الفرضية القائلة إن استعمالاً تعقلياً للعقل يُعد شرطاً أساسياً لأجل عيش مشترك إنساني أقل توليداً للبؤس؛ حيث لا يكون القبول بالتنوع محفوفاً بمساعي الهيمنة والإخضاع والتحكم في الآخر. فإن كان قدرنا أن نعيش معاً وإن كانت غاية غاياتنا أن نكون سعداء فليس لنا من خيار إلا أن نكون سعداء في تنوعنا حتى وإن اختلف تقدير كل منا لما يكون به سعيداً. ولمّا لم يكن شيء يجمعنا مثلما يجمعنا انتماؤنا إلى العقل الذي به ندرك من نحن وبفضله أنشأنا المؤسسات الحافظة لمدنيّتنا، كان من الضروري أن نحسن استعمال هذا العقل فلا يُضار منه أحد. تنطلق الدراسة من معاينة الأوجه المختلفة لسوء استعمال العقل فتردها إلى ثلاثة: التسخير الأداتي للعقل، واحتكار العقلانية وإخضاع العقل إلى العقائد الدوغمائية. يلاحظ الكاتب أن هذه الاستعمالات المسيئة للعقل، على تنوع أوجهها، يمكن أن تفسّر قسطاً كبيراً من مآسي البشرية اليوم ومن أسباب بؤسها. ولمضادة هذا الوضع يقترح العودة إلى فكر مسكويه من أجل إعادة بناءٍ معاصرةٍ لأسس التعقلية كما تمثلها؛ إذ ليس يمكن للعالم اليوم أن يكون أقل بؤساً إذا لم تكن الروية والتعقل أساس معارف الإنسان وصنائعه وقيمه. إننا اليوم بحاجة إلى معاضدة العقلانية بتعقلية يوجهها مبدأ المعية (الوجود-مع) بما يفترضه من استعداد للتعاون والانفتاح والتسامح. وبالفعل، يبين الكاتب كيف أنه في مقابل التسخير الأداتي للعقل لنا أن نلتقط دعوة مسكويه إلى التعاضد بين العقل النظري والعقل العملي. وفي مقابل احتكار العقلانية علينا أن نصغي إلى فكرة التآحد والتآلف. وفي مقابل الإخضاع الوثوقي للعقل علينا أن نستدعي مبدأ التسالم في مراتبه المتراكبة: تسالم الذات مع ذاتها، وتسالم الأفراد في المدينة، وتسالم البشر في العالم.