الرحلة بين الشعر الجاهلي والنبطي: رواسب أسطورية.
الكلمات المفتاحية:
.الملخص
هذا البحث جزء تطبيقيّ من مشروع يتغيّا فهم الشعر الجاهلي وتفسيره وتأويله، ويتأسّس المنهج المقترح على مساءلة تراث المنطقة الأدبي والإنساني واللغوي في البيئة الجغرافيّة التي أنتجت الشعر الجاهلي، واستيعاب الموروث الشفهي المحلّي لهذه البيئات، بوصفه امتداداً ثقافيّاً واجتماعيّاً للمجتمع العربيّ قبل الإسلام. ويقوم المشروع على رسم حدود للتأويل، بما يمكن تسميته بالاحتمال الممكن أو الحقيقة المحتمَلة، لضبط حدود التأويل لقراءة الشعر، وتجنّب ما يُسبّب فوضى الدلالة في النصوص الأدبيّة، وهي فوضى يسبّبها تحرّك القراءة من خارج النصّ إلى داخله وليس العكس. ولذلك يتأسّس هذا البحث على حقيقة أنّه لا يمكن عزل الشعر الجاهلي عن معتقدات مجتمعه، وهي معتقدات أزالها الإسلام، غير أنّ تحليل التراث الشفهي في إقليم "نجد" والمناطق المتاخمة له، واستيعاب البنية الذهنيّة والثقافيّة لإنسان المنطقة؛ يبيّن أنّ بعض المعتقدات بقيت مترسّبة ثقافيّاً في أجزاء من الثقافة البدويّة. وتحليل بنية الرحلة في القصيدة النبطيّة يكشف أنّ هذه البنية ظلّت محتفظة بمعماريّتها، وبمعظم عناصرها، واستبقت المقدّس منها في اللاوعي الجمعي لإنسان المنطقة. وسواء زال الشعور بالتقديس أو بقيَ كامناً؛ فإنّ اللغة استحيت العناصر المقدّسة بشكل يشي بأنّ قدسيّتها لم تَزُل تماماً، ولاسيّما أنّ إنسان المنطقة لم يتغيّر دينيّاً تغيّراً جذريّاً. لقد كشف البحث أنّ الوشيجة بين الشعر الجاهلي والنبطي قويّة، وأنّ الشعر النبطيّ والتراث الشفهي في بيئات وسط الجزيرة امتدادٌ لغوي اجتماعيّ للثقافة الجاهليّة، ممّا أسهم في تبيان ما كان غير مفهوم في القصيدة الجاهليّة، ليتحقّق فهم الشعر الجاهلي وتفسيره وتأويله بشكل منهجي.